فصل: البحث الرابع عضل المضغ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تشريح القانون (نسخة منقحة)



.البحث الثالث عضل فغر الفم:

قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه:
وأما عضل الفغر وإنزال الفك.
إلى قوله وأما عضل المضغ فهما عضلتان.
الشرح:
هذه العضلة تكون أو لًا عضلتين دقيقتين مستطيلتين تبتدئان من خلف الأذنين ومن دونهما فإذا بلغتا أعلى مقدم العنق اتحدتا وصارتا عضلة واحدة.
ثم يخرج لتلك العضلة وتر فإذا قرب من طرف اللحى عند الذقن انتفش كرة أخرى وصارت منه عضلة والتحمت هناك باللحى وإنما خلقت كذلك لأن جذبها لا بد وأن يكون إما إلى جهة المؤخر ويلزم ذلك أن يتسفل اللحى وإما إلى أسفل وإنما يمكن ذلك أن يكون جذبها إلى أسفل إذا كان ليفها متصلًا بعظام القص لأن مقدم العنق من غضاريف لا تقوى لحركة هذه العضلة ولو خلقت كذلك لكان ليفها إذا جذب اللحى يلزمه رفع ما فوقه من الجلد مقدارًا كبيرًا ولا شك أن ذلك موحش للخلقة فلا بد إذًا وأن يكون جذبها إلى خلف.
وحينئذ لا بد وأن يكون ليفها متصلًا بما يحاذي طرف هذا الفك من العظام التي خلفه وذلك هو الموضع المذكور.
ولا يمكن أن يكون ابتداء ذلك الليف من جانب واحد وإلا كان الفك يميل عند الفغر إلى ذلك الجانب فلا بد وأن يكون من الجانبين فيكون من ذلك عضلتان لأن هذا الليف لا بد وأن يحتشي لحمًا وإلا كان يبرد ويضعف ويتغير وضعه وحينئذٍ يصير عضلًا ويجب أن تكون كل واحدة منهما دقيقة لأن المقصود منهما ليس الانتشار والانبساط عرضًا بل أن يمران إلى الموضع الذي يتحدان فيه فينبغي أن تكون الألياف على خطوط مستقيمة أو قريبة من المستقيمة ويلزم ذلك أن تكونا دقيقتين ويجب أن يتحدا عند الحد المشترك بين العنق الأسفل وإلا كان الوتر الخارج من كل واحدة منها يرفع بعض الجلد إذا تقلص ثم بعد اتحادهما يحتاج أن يخرج الوتر من ذلك المتحد إلى الطرف السافل من هذا الفك.
وهو عند الذقن ليكون جذبه إلى أسفل غير مائل إلى جانب وينبغي أن ينتفش عند اتصاله به ليكون اتصاله به في مواضع كثيرة ويلزم ذلك الانتفاش أن يحتشي المنتفش لحمًا فيصير عضلة وكلام جالينوس يشير إلى أن هذه العضلة مع العضلة المتخذة من العضلتين أعني التي في أعلى مقدم العنق كلاهما عضلة واحدة وطرفاهما لحمي ووسطها وتري ولا مشاحة في العبارة.
قوله: ويتخلص وترًا ليزداد وثاقة ثم ينتفش كرة أخرى. لا شك أن تكرر الانتفاش تلزمه زيادة في القوة.
ولكن الغرض به ها هنا زيادة القوة وإلا كان فعل ذلك في العضلة المطبقة للفم أولى لأن المصعد للثقيل يحتاج إلى قوة أقوى من المحرك له أسفل وخصوصًا وتلك العضلة لينة فكانت حاجتها إلى القوة أكثر بل الغرض ما ذكرناه.
وهو أن يكون الجذب على حالة لا يلزمها رفع الجلد الذي فوق الوتر عن وضعه. والله ولي التوفيق.

.البحث الرابع عضل المضغ:

قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه:
وأما عضل المضغ فهما عضلتان.
إلى آخر الفصل.
الشرح:
هذا الذي ذكره الشيخ هو أحد الآراء المنقولة في هذا الفصل.
وقيل إن في كل جانب عضلتين.
وقيل إن في كل جانب ثلاث عضلات.
قال جالينوس: إن عضلتي المضغ تلبسان من خارج على الفك الأسفل في طوله وتمران معه وتتصلان برأسيهما وترتقيان إلى الوجنة وإلى العظم الذي يقال له الزوج.
وهما في الحقيقة من كل واحد من الجانبين اثنتان لا واحدة والواحدة تميل الفك إلى قدام والأخرى إلى خلف. وهاتان العضلتان تتصلان أيضًا بعضلتي الصدغ من دون العظم الذي يقال له الزوج داخل الزائدة التي تشبه المنقار. والله ولي التوفيق.

.الفصل التاسع تشريح عضل الرأس:

والكلام في هذا الفصل يشتمل على ستة مباحث:

.البحث الأول تعديد حركات الرأس:

قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه:
إن للرأس حركات.
إلى قوله: أما العضل المنكسة للرأس خاصة.
الشرح:
لما كانت الحاسة المخلوقة لحراسة البدن. وهي العينان موضوعة في الرأس.
فينبغي أن يكون للرأس أن تتحرك إلى جميع الجهات حركة تتمكن بها الحاسة من الإشراف على جميع الأعضاء لكن ما سوى الحية من الحيوانات فإن رؤوسها لا يمكن أن تتحرك إلى خلف حركة تكون بها العينان مشرفة على جميع الأعضاء الخلفية.
لأن ذلك لا يمكن أن يكون بأن تتحرك الرأس بالاستدارة حتى تصير العينان من خلف البدن إذ كان يلزمه انقطاع النخاع وفساد تركيب العنق ولا يمكن أيضًا تحركة الرأس منقلبًا إلى خلف لأن ذلك يلزمه أن تكون العينان نظرهما إلى فوق لا إلى جهة الأعضاء فلذلك أكثر الأعضاء الخلفية لا يمكن أن تكون محروسة بالعينين فيما سوى الحية.
وأما الحية فلو لم تكن هذه الحركة ممكنة فيها لم يكن لعينها إشراف على شيء من أعضائها لأن وضع العين في الحية هو إلى قدام جميع أعضائها.
فلذلك احتيج أن يكون وضع عينيها بحيث إذا تحرك رأسها هذه الحركة يكون لأعينها إشراف على مؤخر بدنها ثم إن حركة الرأس قد تكون له بذاته وقد تكون بمشاركة أعضاء أخرى كخرزات العنق ولا يمكن الاكتفاء بإحدى هاتين إذ لو اقتصرت على حركته بالمشاركة لكان إذا عرضت لتلك الأعضاء آفة تمنع حركتها بطلت حركة الرأس وفائدتها ولو اقتصر على حركته بانفراده لم تف بالمقصود.
إذ حركته بانفراده لا يمكن أن تكون كبيرة تامة وإلا كان مفصله مع العنق رخوًا سلسًا جدًّا.
ويلزم ذلك أن يكون التركيب واهيًا فلا بد وأن يكون له مع هذه الحركة حركة بشركة خرزات العنق حتى تتمكن بتلك الحركة من حركات تامة إلى أكثر الجهات.
فتكون للعينين اطلاع على أكثر الأعضاء وإذا كان كذلك فلا بد من عضلات لحركاته الخاصة وعضلات لحركاته التي بالمشاركة.
فلنتكلم في كل واحد من هذه الأصناف في بحث يخصه. والله ولي التوفيق.

.البحث الثاني العضل المنكسة للرأس خاصة:

قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه:
وأما العضل المنكسة للرأس خاصة.
إلى قوله: وأما العضل المنكسة للرأس والرقبة معًا إلى قدام.
الشرح:
لما كان التنكيس يتم بالتحريك إلى قدام وإلى أسفل جعل العضل المنكس للرأس وحده يتصل ليفه بما يلزم تقلصه التحريك إلى الجهتين جميعًا فخلق هذا العضل متصلًا بما خلف الأذنين ومن أسفل بالقص والترقوة.
وإنما جعل ذلك لأن هذا العضو لكبره يحتاج أن يكون محركه قويًّا وذلك يحوج إلى معاضدة أحد الجزئين بالآخر وإنما لم يخلق لكل تحريك عضلة واحدة على حدة لأن التنكيس الثقيل لا يحتاج إلى آلة شديدة القوة.
ولما كان هذا العضل متصلًا بهذين الموضعين فلا بد وأن يكون من كل جانب مارًا بالعنق إلى قدام على تأريب ولا بد وأن يكون العضل من الجانبين حتى إذا أريد تنكيس الرأس من أحد جانبيه حركه العضل الذي في ذلك الجانب.
وإن أريد تنكيسه بجملته حرك العضل معًا وكفى من كل عضلة واحدة في كل جانب ولأن التنكيس كلما قلنا أسهل ولما كان طرفا هاتين العضلتين ومن أسفل في موضع ضيق لم يتصل ذلك الموضع بأن يكون طرف كل واحد منهما منفصلًا عن طرف الأخرى فاحتيج أن يتحد الطرفان هناك وهذا الاتحاد يبتدئ من العنق ويكون أكثره عند القص لأن هذا الموضع يضيق بتدريج وإنما يوسع هذا المكان بأن يجعل أكثر ليفها الذي من أسفل البدن متصلًا بعظم الترقوة لأن ذلك يلزمه جذب كثير للترقوة في أو قات التخلص وهو موهن لاتصالها بعظم القص وإحدى هاتين العضلتين لحمية والأخرى تبتدئ من خلف الأذنين رباطية.
وآخرها عند القص من جوهر الوتر وهذه يصير لها رأسان أحدهما عند القص ولكن جوهره عصبي والآخر عند الترقوة وأكثر جوهره لحمي ولأجل هذين الرأسين يظن أنها ليست عضلة واحدة وإنها عضلتان: إحداهما فوق الأخرى ولذلك قيل أن العضل المنكسة للرأس وحده ثلاث عضلات. والحق أنه عضلتان فقط.
إذ لم يوجد للتي لها رأسان مبدآن وهاتان العضلتان عظيمتان لكبر العضو المتحرك بهما وهما في ميلان الذين يكثرون حركة رؤوسهم أو يقوونها أعظم وذلك كالمصارعين ونحوهم.
والله ولي التوفيق.

.البحث الثالث العضل المنكسة للرأس مع الرقبة:

قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه:
وأما العضل المنكسة للرأس والرقبة.
إلى قوله: وأما العضل المقلبة للرأس وحده إلى خلف.
الشرح:
هذا العضل لا يمكن أن يكون متصلًا بعظام القص لأنه يحتاج أن يمتد إلى أسفل فلو اتصل بعظام القص لكان ليفه ينعطف عند الترقوة إلى جهة عظام الرقبة فلا يكون ذاهبًا على الاستقامة ولذلك جعل متصلًا بعظام الصلب ويمتد من أسفل إلى الفقرة الخامسة من فقار الصدر فلذلك هو كبير الطول ويمتد على جميع فقار الرقبة من قدام وهو تحت المريء أي تحته إذا كان الإنسان مستلقيًا وإنما خلق ذلك عظيمًا لأن تنكيس الرأس مع الرقبة إنما يتم بقوة قوية لأن مفاصل الفقرات ليست شديدة السلاسة.
وهذا العضل ينتهي من فوق إلى أسافل الرأس ويحوي الموضع الذي بين مفصل الرأس والطرف الأسفل من الدرز اللامي وهو عضلتان كل عضلة من جانب وهما لحميتان لئلا يتأذى المريء بمماسة جرمه إلى الصلابة.
وإذا تحركتا بجميع أجزائهما مال الرأس والرقبة معًا إلى قدام وتنكسا وإذا تحرك أعلاهما فقط وهو المتصل بأسافل الرأس إلى الفقرة الأولى والثانية من فقرات العنق مال الرأس وحده إلى قدام وتنكس إلى أسفل وإنما لم يحتج في هاتين العضلتين إلى انبثاق شيء من ليفهما إلى خلف كما في المنكسة للرأس وحده لأن تلك أجزاؤها السفلية مائلة كثيرًا إلى قدام ولا كذلك هذه.
فإن جميع أجزائها كأنها إلى خلف لأن مقدم العنق تسامت أكثر من منتصف الرأس ما بين قدام وخلف وعبارة الكتاب غير فصيحة لأنها توهم أن هذا الزوج ينتهي أسفله إلى الفقرة الأولى من فقار العنق وأنه إذا تشنج بسطحه الذي يلي المريء وهو السطح الظاهر نكس الرأس وحده.
وإذا تشنج سطحه الباطن وهو الذي يلي الفقرتين نكس الرقبة وهذا مما لا يصح البتة فإن المتصل بالفقرة الأولى والثانية إذا لم يتصل بها دون ذلك من العظام لم يمكن البتة أن ينكس الرقبة إذ المنكس لا بد وأن يجتذب إلى أسفل والحق في هذا هو ما قلناه. والله ولي التوفيق.